Saturday, August 11, 2007

لورنس العرب فى عين الغرب

من المكتبة العالمية
لورنس العرب
تأليف :اليستير ماكلين



أحد أشهر شخصيات التاريخ البريطاني الحديث، كان عالم آثار وكاتباً وضابطاً وجاسوساً... وقد حظي بشعبية كبيرة لدى العرب. مؤلف هذا الكتاب هو الكاتب والروائي الانجليزي اليستير ماكلين صاحب الروايات والمؤلفات العديدة. وهو هنا يقدم سيرة حياة واحد من أشهر الشخصيات في تاريخ انجلترا الحديث: لورنس العرب. ومنذ البداية يقول المؤلف بما معناه:




إنه من أشهر الشخصيات في التاريخ البريطاني الحديث، وهو يجذب الناس إليه بغموضه وأسراره بقدر ما يجذبهم بحبه للمغامرات وركوب المخاطر. ولد توماس ادوارد لورنس (أو ت. إي. لورنس) الملقب بلورنس العرب في السادس عشر من شهر أغسطس عام 1888 ومات في التاسع عشر من شهر مايو عام 1935 عن عمر لا يتجاوز السابعة والأربعين. ومع ذلك فقد ملأ الدنيا وشغل الناس. وقد كان عالم آثار، وضابطا في الجيش البريطاني، وكاتبا من الطراز الأول. فكتابه أعمدة الحكمة السبعة يعتبر من روائع الأدب العالمي، وقد ترجم إلى كل اللغات تقريبا.



ثم يردف المؤلف قائلا: وقد حظي لورنس بشعبية واسعة لدى العرب لأنه دعم نضالهم للتحرر من النير العثماني، ولكن التيار الإسلامي لا يحبه لأنه فضل العرب المسلمين على الأتراك المسلمين أيضا. فقط التيار القومي العربي يعترف له ببعض الفضل وإن على مضض.


وأما الانجليز فيعتبرونه أحد كبار أبطالهم العسكريين، وكانت عائلته من أصل انجليزي وايرلندي على حد سواء، ولم يكن اسم عائلته لورنس وإنما شامبون. فوالده كان يدعى توماس شامبون، وهو ينتسب إلى الأرستقراطية الايرلندية، وقد ترك زوجته الشرعية بسبب طباعها الصعبة والديكتاتورية. وراح يعيش مع الخادمة وينجب منها خمسة أطفال ذكور من بينهم لورنس العرب المقبل. وبالتالي فهو ابن خادمة لا ابن سيدة حرة. فهل انعكس ذلك على نفسيته لاحقا يا ترى؟


هذا وقد درس لورنس في جامعة اوكسفورد ونال منها شهرة عليا في علم الآثار والتاريخ. وقد ناقش أطروحته الجامعية تحت العنوان التالي: تأثير الحروب الصليبية على فن العمارة الأوروبية العسكرية في نهاية القرن الثاني عشر الميلادي. هكذا نلاحظ منذ البداية أن موضوع دراسته سوف يقوده إلى الشرق والاحتكاك بالعرب والمسلمين.


والواقع أنه سافر إلى بيروت لأول مرة عام 1915، أي وهو في الثانية والعشرين من عمره، لكي يدرس الآثار في منطقة جبيل اللبنانية. ثم ذهب بعدئذ إلى منطقة تقع الآن جنوب تركيا الحالية لكي يدرس آثارها. وفي نهاية عام 1911 عاد إلى بريطانيا لإقامة قصيرة في الواقع. وبعدها عاد إلى الشرق الأوسط، وإلى مصر تحديدا، لكي يشتغل مع جمعية علمية بريطانية في البحث عن الآثار. وظل يتردد بشكل منتظم بعدئذ على الشرق الأوسط لمواصلة التنقيب عن الآثار وما أكثرها في هذه المنطقة من العالم. واستمر على هذا النحو حتى بداية الحرب العالمية الأولى.


وبما أنه كان قد أصبح عشير العرب ويعرف لغتهم وعاداتهم وتقاليدهم بل ويلبس اللباس البدوي العربي مثلهم فإنه استطاع أن يقدم خدمات جليلة لانجلترا أثناء الصراع المحتدم مع دول المحور، أي ألمانيا وإيطاليا والإمبراطورية العثمانية. ثم يردف المؤلف قائلا:وفي عام 1914 أصبح لورنس جاسوسا بالفعل إن لم يكن قبل ذلك، فتحت غطاء البحث عن الآثار أرسلوه مع شخص آخر يدعى (وولي) إلى جزيرة سيناء. في الواقع أن الجيش البريطاني هو الذي أرسله إلى هناك لكي يجمع المعلومات. وقد زار لورنس أيضا منطقة العقبة والبتراء. وبعد اندلاع الحرب العالمية الثانية قرر لورنس ألا ينخرط فيها مباشرة بانتظار الأوامر من لندن.


وقد وصلته في شهر أكتوبر حيث انخرط فعلا بعد أن عينوه في القاهرة. وراح يشتغل عندئذ لصالح المخابرات العسكرية البريطانية. وبما أنه يمتلك معرفة واسعة بالعرب كما ذكرنا فإن الانجليز وجدوا فيه عميلا مناسبا لكي يكون صلة الوصل بينهم وبين القوات العربية المستعدة للانخراط ضد العثمانيين.


وعلى هذا النحو أرسلوه في شهر أكتوبر من عام 1916 إلى الصحراء العربية لكي يعرف مدى استعداد الحركات القومية العربية للتمرد على السلطنة العثمانية. وفي أثناء الحرب راح ينخرط في المعركة تحت قيادة الأمير فيصل ابن الشريف حسين الذي كان يقوم بحرب مغاوير ضد قوات العثمانيين. وكان الإسهام الكبير للورنس هي أنه أقنع العرب بتنسيق جهودهم وتوحيدها من أجل زعزعة عدو بريطانيا آنذاك: أي السلطنة العثمانية وحليفتها ألمانيا. هذه هي أكبر خدمة قدمها لبلاده بريطانيا.


فقد أقنع العرب مثلا بألا يطردوا العثمانيين من المدينة المنورة لكي يجبروا الإمبراطورية التركية على تخصيص قوات كبيرة لحماية تلك المنطقة. وهكذا يتعذر عليهم إرسالها إلى جبهة القتال ضد الانجليز في الجبهة العسكرية الأساسية. ثم راح العرب يهاجمون خط سكة الحجاز مجبرين بذلك الأتراك على إرسال قوات كبيرة إلى هناك لحمايته وحماية المدينة. وهكذا تبعثرت قواتهم وتشتتت بدلا من أن تكون مكرسة كلها للجبهة الأمامية ضد الانجليز.


ثم يردف المؤلف قائلا:وفي عام 1917 نظم لورنس حملة مشتركة للقوات العربية وقوات عدي ابوطي التي كانت في خدمة العثمانيين حتى ذلك الوقت. واستطاعت هذه القوات المشتركة أن تحتل الموقع الإستراتيجي المتمثل بميناء العقبة. ولكنهم قبضوا عليه لاحقا وهو متنكر في زي بدوي ويقوم بمهمة استطلاع سرية في منطقة معينة. ويقال بأن الجنود العثمانيين بعد أن سجنوه عذبوه واغتصبوه. وهذا ما ترك في نفسه جروحا لا تندمل. ولكنه استطاع أن يهرب من سجنه ويشارك في الاستيلاء على دمشق عام 1918 ويطرد القوات التركية منها.


وبالتالي فالرجل مغامر من الطراز الأول، ويدفع ثمن مغامراته الخطرة عدا ونقدا. ثم أصبح لورنس صديقا حميما للأمير فيصل بين الحسين. وقد حاول إقناع السلطات البريطانية بضرورة إعطاء الاستقلال للعرب، ولكن عبثا. فالانجليز والفرنسيون كانوا قد اتفقوا سرا على تقاسم المنطقة فيما بينهم، وعندما عرف لورنس بذلك تألم كثيرا وشعر وكأنه خدع العرب أو ساهم في خداعهم على غير علم منه. فقد أصبح فعلا يحب العرب ويتبنى عاداتهم وتقاليدهم. وعندما دخلت القوات الفرنسية دمشق تحطمت كل آمال لورنس في تحرير سوريا. وكانت تلك الحادثة صدمة كبيرة بالنسبة له.


ثم يردف المؤلف قائلا: وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى شارك لورنس في مؤتمر السلام الشهير المنعقد في باريس عام 1919. لقد شارك فيه بصفته عضوا في الوفد العربي الذي يترأسه الأمير فيصل. ثم أصبح بعدئذ مستشارا لونستون تشرشل حتى عام 1921.


وبعد انتهاء مغامراته العربية وإسهامه في إسقاط الإمبراطورية العثمانية عاد إلى انجلترا. فأرسلوه لفترة إلى الهند وأفغانستان. ولكنه لم يلبث هناك طويلا. وبعد عودته إلى بلاده قتل عام 1935 في حادث طريق وفي ظروف أقل ما يقال فيها إنها غامضة. فهل قتلوه بعد أن استنفد مهمته وأصبح عبثا عليهم؟ هل قتلته المخابرات البريطانية لأنه كان يمتلك أسرارا كثيرة؟ الكثيرون يعتقدون ذلك دون أن يمتلكوا أي برهان عملي محسوس على هذا الأمر. وعلى أية حال فإن الرجل سجل اسمه في التاريخ كأحد كبار الكتاب وليس فقط القادة العسكريين والمغامرين.


*الكتاب: لورنس العرب


*الناشر:ستيرلنغ بوبليشنغ - لندن 2006


*الصفحات:176 صفحة من القطع الكبير

المصدر
http://www.albayan.ae/servlet/Satellite?c=Article&cid=1184861403567&pagename=Albayan%2FArticle%2FFullDetail

اتفاقية 1970: التنوّع الثقافي قبل الآوان

تعتبر اتفاقية اليونسكو، التي اعتُمدت سنة 1970، أداة قانونية رائدة في مكافحة النهب والاتجار غير المشروع، وقد مهّدت الطريق أمام حق الشعوب في ا...