Wednesday, March 14, 2007

الأسماء المستعارة في العوالم الأدبية ، إلى اين ؟؟

سعاد جبر
suad_jaber@hotmail.com
الحوار المتمدن - العدد: 1367 - 2005 / 11 / 3


تجتاحنا شبكة الإنترنت ، وقد حققت فيها المساحات الأدبية ثراء في العطاء والمنجزات من كل حدب وصوب ، وامتدت الأقلام الأدبية بتحليق حروفها عبر مواقعها وصحفها ومجلاتها بكافة أطيافها ، وهنا تبدو حالة المفارقات بين ماهية الأقلام المتواجدة في الفضاءات الإلكترونية وبين القراءة المتأملة العميقة لطبيعة الأقلام الأدبية في الأزمنة الماضية ، وتدور مقالتي هنا حول مساحات المفارقة بين طبيعة الأسماء المستعارة أدبياً في الأزمنة السحيقة الماضية ، وما حملته من تميز وعطاء ، في منجزها الأدبي ولكن ظروف العصر آنذاك وارهاصته حالت دون إعلان هوية الكاتب على الملأ ، فكانت هناك أسماء مستعارة تحمل معها الإبداع والتفرد الأدبي ، وخلدتها الذاكرة الأدبية حتى انه غاب معها اسم الكاتب الحقيقي على الإطلاق وغدا الاسم المستعار هو الهوية الخالدة في السفر الأدبي .
ولكن الواقع الإلكتروني يلحظ تمادي حالة انتشار الأسماء المستعارة ، وأنا لا أعمم هنا على جميع الحالات ، ولكن استقرئ الوضعيات العامة من هذه الظاهرة السلبية في العوالم الأدبية بحسب وجهة نظري ، وربما الظروف والمعطيات في الكتابة السياسية النقدية تعطي مبررا معقولا لإنتشار ظاهرة الأسماء المستعارة فيها ، لتبليغ رسالة الحرية ونبض الضمير في ظل عوالمنا العربية الأستبدادية ، التي تفتقد إلى حرية التعبير وتستخدم لغة الحديد والنار كخط مواجهة واستلاب لها
ولكن في الواقع الأدبي فهناك المفارقات المؤلمة في هذا الصدد ، لأننا نجد مع تلك الأسماء المستعارة عبثية الإنتاج وسذاجة الكتابة ، وهشاشة المنطق الذي يسودها ، حتى انه أحياناً يشعر المرء وهو يقرأ كأنما يقرأ لقلم في غيبوبة عن الوعي ، وانه أمام قيء من الكتابة ، التي تستغفل القارئ وعقليته ، بحيث تبدو للقارئ والناقد معا أنها شتات فقرات عبثية مستقاة من حرفية السرقات الأدبية لدى تلك الأسماء المستعارة ، دون مضمون معقول لها ، في كافة الأجناس الأدبية في لغة ترقيقعية هشة حمقاء ، وارجع تلك الأزمة المتمادية لحالة استعار الأسماء المستعارة بلا مضمون وما تحمل من عدم احترام لعقل وثقافة القارئ ، لأصحاب الشأن في تلك المحطات الإلكترونية ، من خلال النشر الفوري و وعدم متابعة النص ، وعدم جود هيئات متخصصة نقدية في الغالب تتابع النصوص وأهليتها للنشر ، ولذلك لا غرابة من حالة فوضى النشر بما هب ودب ، والاهتمام بحالة الكم في النشر دون الكيف ، والتنافس بين المواقع ، دون إعطاء المادة المنشورة حقها من الاهتمام والدراية والمتابعة ، لبلوغ منصة أهليتها للنشر ، وهكذا غدت بعض المساحات الإلكترونية سوقا هزيلا لتلك الأقلام وسذاجة النشر ، وفيها ما هب ودب من غرائب التعليقات وعدم احترام الكاتب ، وركل مشاعر وذوقية القارئ في ظل تساؤلات مضنية لحالة ضبط تلك الحالات المستعرة على شبكة الإنترنت ، وحفظ الكتاب من التعرض للسرقات الأدبية عبر تلك الظاهرة المسعورة والتي يختبئ تحت عباءتها كل معاني السرقة الأدبية وانتفاء الضمير الأدبي ، وانا من هؤلاء الذين يتعرضون مرارا لتلك السرقات تحت غطاء تلك الأسماء المسعورة ، في كافة أشكال كتاباتي الأدبية ، حتى بلغ هستريا تلك السرقات للتعليقات التي أرسيها على مقالات إبداعية للكتاب المبدعين في المواقع الإلكترونية المتنوعة ومن هنا فأنا اكتب كلماتي بمداد من الألم والمرارة وكلماتي ربما لن تحل أزمة أخلاقية من هذا النوع ، وتحمل معها لغة المفارقات بين روعة تسامي الأسماء المستعارة الأدبية في الماضي وبين بشاعة لصوصيتها في أيامنا هذه على الأغلب ولا اعمم ، ولكن كلماتي صوت ضمير ابعثه عبر الفضاءات ليكون ولو غصة آنية في قلوب هؤلاء لوكان لديهم قلب وضمير ، و كلمة حق أبثها ، وفي الأعماق أمنيات أن يدعمها وتلتحم معها أصوات اخوتي الأدباء للوقوف أمام تلك الظاهرة البشعة وكشف دناءتها في لغة الضمير والالتزام الأدبي ، حتى يكف جنودها لصوص نصوص الليل والنهار عن عبثيتهم اللامتناهية ، أو على الأقل يعوا أن هناك أصواتاً تدعو لحجب أصواتهم وخنق أنفاسهم ولو ساعة من الزمان

المصدر
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=49563

No comments:

Post a Comment

اتفاقية 1970: التنوّع الثقافي قبل الآوان

تعتبر اتفاقية اليونسكو، التي اعتُمدت سنة 1970، أداة قانونية رائدة في مكافحة النهب والاتجار غير المشروع، وقد مهّدت الطريق أمام حق الشعوب في ا...